الـصـفــحــة الــرئـيــسـيــة > مــع حــيــاتــنــا و الآخــرة > أدلة لإثبات وجود الخالق من القرآن الكريم
«الموضوع التالي | الموضوع السابق»

أدلة لإثبات وجود الخالق من القرآن الكريم

 


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين . أما بعد:


هذا [شرح مبسط] لأدلة إثبات وجود الله تعالى .. وفقاً للنقل والعقل ..

لقد جاءت الأدلة العقلية في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على إثبات وجود الله وربوبيته، وهي كثيرة ومتنوعة وسهلة وواضحة، لأن الناس أحوج ما يكونون إلى معرفة ربهم وخالقهم، وحاجتهم إلى معرفته أشد من حاجتهم للماء والهواء والطعام والشراب . ‏

ويمكننا أن نقول ابتداء .. إن كل شيء يدل على وجود الله سبحانه وتعالى، إذ ما من شيء إلا وهو أثر من آثار قدرته سبحانه، وما ثم إلا خالق ومخلوق ، وقد نبه القرآن الكريم إلى دلالة كل شيء على الله تعالى، كما في قوله عز وجل: {قل أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء} [الأنعام: 164] .


وفى كل شىء له آية
تدل على أنه واحد


وقد سئل أحد الأعراب سؤالاً موجهاً إلى فطرته السليمة، فقيل له: كيف عرفت ربك؟ فقال: {البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، وجبال وأنهار، أفلا يدل ذلك على السميع البصير؟} . ‏

وما أجمل ما قاله الإمام الخطابي حول هذه القضية .. يقول رحمه الله: ‏

‎‎ ‏[إنك إذا تأملت هيئة هذا العالم ببصرك، واعتبرتها بفكرك، وجدته كالبيت المبني المعد فيه ما يحتاج إليه ساكنه، من آلة وعتاد، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدوة كالبساط، والنجوم مجموعة والجواهر مخزونة كالذخائر، وأنواع النبات مهيئة للمطاعم والملابس والمشارب، وأنواع الحيوان مسخرة للراكب مستعملة في المرافق، والإنسان كالملك للبيت المخول فيه، وفي هذا كله دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتدبير وتقدير ونظام، وأن له صانعاً حكيماً تام القدرة بالغ الحكم] أهـ ..


‎‎ مظاهر دلالة المخلوقات على الخالق:

‎‎ أولاً: دلالة الخلق والإيجاد والإختراع بعد العدم:‏

‎‎ إن وجود الموجودات بعد العدم، وحدوثها بعد أن لم تكن، يدل بداهة على وجود من أوجدها وأحدثها . ‏

‎‎ وليس شرطاً أن يقف كل أحد على حدوث كل شيء حتى يصدق بذلك، بل إن ذلك غير ممكن كما قال عز وجل: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً } [الكهف: 51] . ‏

‎‎ ومما يدل على أن وجود الخلق دليل على وجود الله سبحانه عز وجل: {أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون .. أم خَلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون} [الطور: 34-36] . ‏

‎‎ هذا تقسيم حاصر .. يقول: أخلقوا من غير خالق خلقهم؟ فهذا ممتنع في بدائه العقول، أم هم خلقوا أنفسهم؟ فهذا أشد امتناعاً، فعلم أن لهم خالقاً خلقهم، وهو الله سبحانه .. وإنما ذكر الدليل بصيغة استفهام الإنكار ليتبين أن هذه القضية التي استدل بها فطرية بديهية مستقرة في النفوس، لا يمكن إنكارها، فلا يمكن لصحيح الفطرة أن يدعي وجود حادث بدون محدث أحدثه، ولا يمكنه أن يقول: (هو أحدث نفسه) . ‏

‎‎ قال عز وجل: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً} [مريم: 67] . ‏

‎‎ فدلت الآيات على حاجة المخلوق إلى خالق ضرورة. ‏


‎‎ثانياً: دلالة العناية المقصودة بالمخلوقات: ‏

‎‎ والمراد: ما نشهده ونحس به من الاعتناء المقصود بهذه المخلوقات عموماً، وبالإنسان على وجه الخصوص .. قال عز وجل: {ألم نجعل الأرض مهاداً .. والجبال أوتاداً .. وخلقناكم أزواجاً} [النبأ: 6-8] . ‏

‎‎ وقال عز وجل: {تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً} [الفرقان: 61] . ‏

‎‎ وهذه العناية المقصودة ماثلة في العالم كله، فإذا نظر الإنسان إلى ما في الكون من الشمس والقمر وسائر الكواكب والليل والنهار، وإذا تأمل في سبب الأمطار والمياه والرياح، وسبب عمارة أجزاء الأرض، ونظر في حكمة وجود الناس وسائر الكائنات من الحيوانات البرية، وكذلك الماء موافقا للحيوانات المائية، والهواء للحيوانات الطائرة، وأنه لو اختل شيء من هذا النظام لاختل وجود المخلوقات التي هاهنا .

إذا تأمل الإنسان ذلك كله؟ عَلِم عِلم اليقين أنه ليس يمكن أن تكون هذه الموافقة التي في جميع أجزاء العالم للإنسان والحيوان والنبات بالاتفاق، بل ذلك من قاصد قصده، ومريد أراده، وهو الله سبحانه، وعلم يقيناً أن العالم مصنوع مخلوق، ولا يمكن أن يوجد بهذا النظام والموافقة من غير صانع وخالق مدبر . ‏


‎‎ثالثاً: دلالة الإتقان والتقدير:

‎‎ قال عز وجل: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون} [النمل: 88] . ‏

‎‎ وقال عز وجل: {الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور} [الملك: 3] . ‏

‎‎ وقال عز وجل: {الذي أحسن كل شيءٍ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين} [السجدة: 7] . ‏

‎‎ فهذه الآيات وأمثالها تلفت نظر المستدل إلى دلالة المخلوقات على باريها، من خلال ما يشاهد فيها من الانضباط والالتزام التام بنظام في غاية الدقة، ما كان له أن يوجد على هذه الحال دون قيّم ومدبر، وفي هذا أعظم دليل على بطلان الخرافة القائلة بحدوث العالم عن طريق المصادفة . ‏


‎‎رابعاً: دلالة التسخير والتدبير:

‎‎ إذا نظرنا إلى هذا العالم وجدناه بجميع أجزائه مقهوراً مسيراً مدبراً مسخراً، تظهر فيه آثار القهر والاستعلاء لمسيِّره ومدبره، وتتجلى فيه شواهد القدرة لمُخضعه ومذللـه سبحانه، بما لا يدع مجالاً للشك في وجود مدبر يدبره وقدير يمسك بمقاليده، كما قال عز وجل: {له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون} .. [الزمر: 63] . ‏

‎‎ وقال عز وجل: {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} [النحل: 79] . ‏



وهذا ملخص سريع لأهم الأدلة العقلية على وجود الله تعالى:

الدليل الأول .. النظام والتدبير:

من أوضح الأدلة على إثبات الله تعالى الذي يحكم به العقل , هو دليل النظام والتدبير .. فالكل يرى العالم بسماواته وأراضيه , وما بينهما من مخلوقاته ورواسيه من المجرة إلى النملة ، فنرى أجزاءها وجزئياتها مخلوقة بأحسن النظم , وأتقن تدبير وأحسن صنع , وأبدع تصوير , فيحكم العقل بالصراحة أنه لابد لهذا التدبير من مدبر , ولهذا التنظيم من منظم , ولهذا السير الحكيم من محكم , وذلك هو الله تعالى .


الدليل الثاني .. إمتناع وجود الصدفة مع وجود النظام والتدبير:

فإنا إذا لم نؤمن بوجود الخالق لهذا الكون العظيم , فلابد وأن نقول .. بأن الصدفة هي التي أوجدته أو أن الطبيعة هي التي أوجدته .. لكن من الواضح أنه لا يقبل حتى عقل الصبيان أن تكون هذه المخلوقات اللامتناهية وجدت بنفسها بالصدفة العمياء أو بالطبيعة الصماء .. مع وجود هذا النسق الفريد من الدقة والإحكام .


الدليل الثالث .. برهان الإستقصاء:

فان كلاً منا إذا راجع نفسه .. يدرك ببداهة أنه لم يكن موجوداً أزلياً .. بل كان وجوده مسبوقاً بالعدم .. وعليه فلابد أن الإنسان محدث .. أى مخلوق .. فمن خلقه على هذا النحو .. فى أحسن تقويم ؟! .. لا توجد أية إجابة منطقية .. إلا الخلق من العدم .. والخلق يستلزم وجود الخالق .. وهو الله جل وعلا .


الدليل الرابع .. برهان الحركة:

إنا نرى العالم بجميع ما فيه متحركاً , ومعلوم أن الحركة تحتاج إلى محرك , لأن الحركة قوة والقوة لا توجد بغير علة .. إذن لابد لهذه الحركات والتحولات والتغيرات من محرك حكيم قدير .. وهو الله تعالى .


الدليل الخامس .. برهان القهر:

ذلك لآننا نرى الإنسان خاضع لمقادير القدر .. وهو لا يستطيع أن يغير فيها شيئاً .. فوجود الإنسان فى هذه الحياة وتعرضه للحياة والموت .. هو من تدبير خفى .. يستحيل معه القول أنه نشأ من تلقاء نفسه .. وليس هناك أى دليل عقلى مقبول يمكن أن يفسر وجود الإنسان على سطح الأرض .. إلا وجود الله تعالى وحكمته.

 




الملف الإسلامي 2010-2023
isfi.info