الـصـفــحــة الــرئـيــسـيــة > مــع حــيــاتــنــا و الآخــرة > هل أنت أخلاق؟
«الموضوع التالي | الموضوع السابق»

هل أنت أخلاق؟

  

عندنا فى مصر حين نحب الإشادة بشخص ما نقول عنه إنه (أخلاق)، يعنى أنه أخلاق تمشى على قدمين، والسؤال الآن: هل أنت أخلاق؟

لا أقصد الإحراج والله بهذا السؤال؟، ولا أقصد أن أجعلك تكذب وتقول شيئا ليس فيك، لكن هل سأل أحدكم نفسه: ماذا يقول الناس عن أخلاقى من وراء ظهرى.

لو أن أخلاقك حسنة فأنت تعرف ماذا يقولون، ولو أنها ليست كذلك فلا داعى لذكر الأمر على صفحات «الشروق».

لكن بما أننا نتحدث عن الأخلاق التى نريد أن نغرسها فى أنفسنا ثم فى أسرنا، وبالتالى فى أبنائنا فتعالوا نتحدث عن فضل حسن الخلق.

يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ما من شىء أثقل فى ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق».

يااااااااه.

أثقل ما يوضع فى ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق ــ ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت وبعد هذا الثواب العظيم.

يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا»، ويقول: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» أترون كيف تسير الأحاديث، تمعنوا العبارات «أثقل ــ أحسن ــ أكمل»، أكملهم إيمانا أحسنهم خلقا، حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى وإن كانت عباداته لاتزال تحتاج لضبط، يقول النبى صلى الله عليه وسلم «إن أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم خلقا».

أين أنت من تحسين أخلاقك؟

قال النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث له: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»، ولذلك من دعاء النبى: «اللهم اهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت». أرأيتم حرص النبى، وهو الذى قال عنه الله عز وجل «وإنك لعلى خلق عظيم»، فإذا نظر للمرآة قال: «اللهم كما حسنت خَلقى فأحسن خُلُقى»، أرأيت حرصه وإصراره، هل أنت على سنته سائر وتدعو بهذا الدعاء.

لا.. أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشىء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا وأناقة.

أليس كذلك؟

اعترف ولن أقول لأحد!

يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ــ أى ضامن ــ ببيت فى أعلى الجنة لمن حسن خلقه»، تخيل! النبى صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا فى أعلى الجنة، ألن تبحث عما سيكون لك سببا فى حصولك عليه؟

سأخبركم بشىء ولا تغضبوا منى: إننا نستسهل الأمور ــ نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلى ــ نقرأ القرآن ــ نلقى السلام بعبارة ــ السلام عليكم ــ فى الهاتف)، ونشكر بعضنا بعبارة ــ جزاكم الله خيرا ــ، نلبس الحجاب، وأصبحنا متدينين بسهولة، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم، إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق؟ أين أخلاق الملتزمين، يقول النبى «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق
» تريد أن تفوز بحب الناس؟، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك.

أريد أن أطرح عليكم سؤالا: هل الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل؟، هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟، هل كتب بجيناته الوراثية أنه بخيل ولن يكون إلا كذلك؟

هل من الممكن أن يصبح العصبى حليما بالناس؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحى فى تعاملاتها إلى فتاة حييّة؟.

يعلمنا النبى عليه الصلاة والسلام: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلّم، وإنما الصبر بالتصبّر». يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير.. أبدا والله.. يا جماعة كثر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئا هكذا بعد أن كان لا يطاق، كيف ذلك؟ بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبى «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلّم، وإنما الصبر بالتصبّر» إذن فالطبائع قابلة للتغيير.

سأضرب لكم مثلا: النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء، النفس كذلك تكتمل وتنضج، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى ويشفى، النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل فى الأخلاق السيئة، محتاجة لمجاهدة وصبر.

أنا أقول لك هذا الكلام، حتى تأتى المرة القادمة، وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبى صلى الله عليه وسلم، وطبقا لقاعدة أن نفسك مثل بدنك؛ فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاسٍ ويصبر أمام شهيته ويقاوم حبه لأكلة مفضلة.

كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه وقاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذى قاوم السمنة..

النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية، بالصبر، بالمجاهدة. إذن هلا بادرنا بنية التغيير؟، هناك من يتساءل كيف لى أن أعرف عيوب نفسى؟، كيف أعرف أن لدى أخلاقا سيئة وأريد تحسينها؟

تريد معرفة ذلك؟ إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك:

1 ــ من صديق ناصح (صاحب الصالحين).

2 ــ من عدوك (اسمع أعدائك)، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك، اسمع ما يردده عنك خصمك فى العمل، وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شىء سيفيدك.

3 ــ قراءة مثل هذا المقال.

4 ــ أن تدرس وتعرف أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم.

والنقطة الأخيرة أهم النقاط كلها؛ من أكمل الناس أخلاقا؟ النبى صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه وتعالى «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ــ سورة القلم ــ، هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق، اسمع عن تواضع النبى صلى الله عليه وسلم، عن حلمه، عن معاملته للنساء، وتعلم، تعلم من كل ذلك.

ولتكن (أخلاق)..

  

----------
الداعية د. عمرو خالد
 

 




الملف الإسلامي 2010-2023
isfi.info